«الاعتراف» أساس أدلة الثبوت ويشكل عقيدة القاضي في إصدار الحكم

 

إن الهدف الأسمى للحکم القضائي هو الوصول إلى الحقيقة؛ لضمان عدم الاعتداء على الحقوق والاستيلاء عليها من الغير، وذلك إرساءً لدعائم العدل بين الناس، بما يکفل استقرار المجتمع وأمنه.

وفي سبيل ذلك يمر الحکم القضائي بمراحل عديدة من أجل الوصول إلى هذا الهدف، وذلك من خلال دعوى قضائية تشتمل على عدة إجراءات حتى تنتهي بإصدار حکم هو عنوان للحقيقة يراعى فيه مقتضيات العدل والإنصاف.

اقرأ أيضا| هل يحق للمرأة طلب الطلاق حال حبس زوجها أكثر من عام؟ خبير قانوني يوضح

ويؤكد الدكتور المستشار محمد فوده – أستاذ القانون الجنائي، أن الدعاوى في المسائل الجنائية تختص بأهمية قصوى في سبيل الوصول إلى حکم عادل ومنصف منه للخصومة، لافتاً إلى أن القضاء الجنائي لا يقتصر على الحقوق المالية فقط، کما هو الحال في القضاء المدني، ولکن مجال القضاء الجنائي يرتبط بأهم الحقوق الشخصية للإنسان وهو حقه في الحياة وحقه في حريته وسلامة بدنه، تلك الحقوق الأساسية للإنسان وفقًا لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وأضاف الخبير القانوني: يجسد عدالة الحکم الجنائي, ضمان حصول البريء على حقه في سلامة جسده وکفالة حريته، کما يجسد في نفس الوقت القصاص من المذنب، لذا ينصب جل اهتمام القاضي طوال السير في إجراءات الدعوى على الوصول إلى الحقيقة، وفي سبيل ذلك يلجأ القاضي للعديد من أدلة الإثبات للوصول إلى قناعة حقيقية يبني عليها حكمه، وتتعدد أوجه الإثبات في قيمتها ودرجة الأخذ بها، والتعويل عليها وفقًا لاطمئنان القاضي لکل دليل بالأخذ أو الترك، وتترتب تلك الأدلة فيما بينها أمام القاضي، وغالبًا يترجم الحکم الصادر أولوية الأدلة التي استند إليها القاضي في الوصول إلى قناعته الشخصية.

وأكد د. فوده أنه لا شك أن “الاعتراف” يأتي في مقدمة أدلة الإثبات التي شکلت عقيدة القاضي، وإن کان القاضي يتمتع بسلطة تقديرية في تقدير قيمة الاعتراف في المسائل الجنائية؛ نظرًا لخطورة وحساسية ما يترتب على الحکم الجنائي من آثار، لذا أعطى المشرع حرية للقاضي في إعمال قناعته الشخصية المحکومة بمبادئ الإنسانية والشرف حتى ينأى به عن الظلم.

  دفاع المتهمين بقضية رشوة المطار الأستاذ الدكتور محمد فوده يطلب استخراج شهادات وظيفية وشهادات تحركات

وأشار إلى أنه يظل “الاعتراف” له قيمته وقدره في المسائل الجنائية، طالما توافرت العوامل الرئيسية في سلامة الاعتراف المبني عليه الحکم، وخلوه من کل شائبة، بما يکفل اعترافًا اختياريًا خاليًا من کل عيب، وكما يکون للاعتراف أهمية کبيرة في تکوين عقيدة القاضي، يصبح للعدول عن الاعتراف قيمة کبيرة أيضًا، وأيًا ما کان تقدير القاضي للعدول عن الاعتراف، إلا أن العدول يخضع للفحص والتقدير والوزن من قبل القاضي، حتى يمکن إصدار حکم قضائي قويم

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *